الأربعاء، 16 مارس 2011

شائعات تربك حركة السوق العقارية والمستثمرون يحجمون رغم توافر السيولة

تسببت الشائعات التي تتداول في أوساط العاملين في سوق عقارات مكة  مع مطلع العام الجاري في خلق غيمة ضبابية حجبت الرؤية أمام التوجه العام للسوق، الأمر الذي بدوره أسهم في خفض أسعار قطع الأراضي المنح إلى نحو 20 في المائة، وخفض أسعار إيجار المساكن التي صرح لها العام الماضي بإسكان الحجاج إلى نحو 50 في المائة، نتيجة ترقب مستثمريها القرارات الجديدة وقيامهم بتأجير تلك المباني لمدة عشرة أشهر من العام على الراغبين في السكن المستديم، كما أحجم المستثمرون عن دخول السوق بالرغم من توافر السيولة نتيجة عدم اكتمال عناصر الثقة في الاقتصاد بشكل عام وسريان الشائعات في سوق مكة العقارية بشكل خاص.
وتمثلت تلك الشائعات التي بثت في إحداها أخيرا في التنظيمات الجديدة التي ستطرأ على لائحة إسكان الحجاج، التي تم تعديل بعض فقراتها بما في ذلك زيادة المساحة السكنية للحاج إلى أربعة أمتار بعد أن كانت ثلاثة أمتار ونصفا العام الماضي، فيما تقول الشائعة الأخرى إن هناك لجنة حكومية مشكلة في أسعار عقارات مكة من ثلاث جهات تعمل في الوقت الراهن على تحديد مناطق سكنية للحجاج، ومن المتوقع أن تكون تلك المنطقة هي الواقعة بين الحرم المكي الشريف والطريق الدائري الثالث، وأما الشائعة الأبرز فهي حول مصير العشوائيات وآلية تطويرها في مكة بعد أن بدأت في جدة.
وأبان خبراء عقاريون في أن عقارات مكة  منضوون تحت مظلة الغرفة التجارية الصناعية أن تأخر إيصال الخدمات إلى مخططات المنح وضعف المضاربة عليها كان لزيادة العرض نتيجة حالة الترقب سيتسبب خلال العام الجاري في هبوط أسعارها، وأن السوق لن تعود وتواصل الصعود مجددا ما لم تكتمل عناصر الثقة، خاصة وأنه هناك إحجام من قبل في ظل وجود السيولة.

وأبان المهندس عصام بصنوي نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في عقارات مكة  رئيس لجنة الاستثمار والتطوير، أن الشائعات التي تدور حول مستقبل العشوائيات في العاصمة المقدسة بعد أن بدأ تنظيمها في جدة أسهمت في إدخال السوق العقارية في حالة من الركود التي ستدوم حتى تتجلى الرؤية بشكل كامل، وأن الترمومتر الذي سيتحكم في مؤشر العقار خلال المرحلة المستقبلية سيعتمد على البدء الفعلي في نزع ملكيات المناطق العشوائية، مشيراً إلى أن الوحدات السكنية الواقعة في المناطق القريبة من الحرم المكي الشريف مازالت تتمسك بأسعار على الرغم مما يحدث في السوق، مضيفاً: "إن المستثمرين لمساكن الحجاج يعيشون في حيرة من أمرهم نتيجة لعدم اتضاح رؤية مستقبل وحداتهم السكنية، حيث إن بعضهم لجأ إلى أن يقوم بتأجير وحدته السكنية لمدة عشرة أشهر على أن يخرج المستأجر قبل الحج بنحو 15 يوما، وهو الأمر الذي سيستفيد منه المستأجر إذ ستنخفض عليه نسبة أيجار الوحدة إلى نحو 50 في المائة، وقد يخسر أو يربح مالك المبنى بناء على ما ستتجه إليه قرارات الجهات المختصة عن مساكن الحجاج حيال إمكانية تحديد مناطق أو تركها مفتوحة كما تم العمل به في العام الماضي".
ويرى بصنوي أن من الضروري أن تدحض الشائعات التي يروج لها المستفيدون منها من ملاك العقارات وأصحاب المكاتب العقارية من خلال العودة إلى الجهات المختصة كإمارة منطقة مكة المكرمة وأمانة العاصمة المقدسة والهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة لتوضيح الرؤية حول واقع العقار في مكة وتوجهاته المستقبلية، مفيدا أنه على الرغم من كون تحديد مناطق للحجاج لا يعدو كونه شائعة إلا انه لا يؤيد التوجه مطلقا، ويؤيد فتح عقارات مكة  بأكملها لإسكان الحجاج طالما المباني مستوفية لشروط لائحة إسكان الحجاج، وهو ما سيسهم فعلياً في خفض تكلفة الإيجار على الحاج بخلاف تحديد المنطقة الأمر الذي سيتسبب في زيادة أعباء الحاج المالية نظير ارتفاع أسعار المسكن.
وأشار بصنوي إلى أن الاستثمار عقارات مكة يتجه حاليا نحو أطراف مكة المكرمة خاصة في المناطق المجاورة للطرق الدائرية الجديدة، وأن التوجه العام للبناء بحث إمكانية إسكان الحجاج دون النظر بشكل فعلي إلى الإسكان الدائم، مفيداً أن التوجه نحو بناء مكاتب إدارية في مكة المكرمة يعد ضئيلاً نتيجة اشتراطات الأمانة التي تطالب بأن يكون مبنى المكاتب الإدارية على الشوارع العامة، وتوجه أغلبية العاملين في المكاتب إلى استئجار وحدات سكنية في أحياء داخلية وتحويلها إلى إدارية.
وطالب بصنوي أمانة العاصمة المقدسة بضرورة أن تتجه فعلياً وأن تغير من سياستها حيال ارتفاعات المباني التي يجب أن يعاد النظر فيها وأن يسمح للمباني التي حصرت في طابقين بالزيادة كما هو الحال المعمول به في جدة، التي يسمح لمالك الأرض ببناء سبعة طوابق مكونة من طابق أرضي، مواقف للسيارات، وأربعة طوابق مكررة وفيلا من طابقين في السطح، لافتاً إلى أن هذا التوجه سيحل أزمة الإسكان المتوقع حدوثها بعد البدء الفعلي في إزالة المناطق العشوائية، كما أنه سيسهم في حل أزمة الإسكان التي ستعاني مكة المكرمة خلال الخمس سنوات المقبلة.